الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية مقال رأي: علي العريض... وصعود نجم أبو عياض للسماء

نشر في  27 مارس 2015  (11:44)

بقلم باسل ترجمان

بدون مسببات تقنع أو جديد يقدم الإضافة، خرج أمين عام حركة النهضة علي العريض عن صمته وتحدث في قضايا تهم فترة تحمله مسؤولية وزارة الداخلية والتي تميزت بكثير من الأحداث التي لم تعرف تونس عبر تاريخها أحداثا مشابهة لها، ونتائجها مازالت تتدحرج باتجاه مزيدا من الغرق في بحر الإرهاب والعنف الذي عرف خروجه للعلن وسيره في طريق القتل خلال تلك الفترة.

الحوار الذي دافع فيه علي العريض عن نفسه بعد جريمة باردو يعكس حجم الإرباك الذي تعيشه حركة النهضة وقياداتها على كل المستويات في محاولة لنفي كل صلة لها أو علاقة بأي شيء يمكن أن يقربها من الإرهاب، لكن الحوار الذي رتب على عجل فشل مرّة أخرى في إقناع الرأي العام بأنّ وزير الداخلية لم يكن مسؤولا عن الكثير من القضايا التي جرت دون أن يتخذ مواقف حاسمة كانت ستمنع الكثير من المصائب التي لحقت بتونس جراءها.

الفترة الوردية التي تحدث عنها وزير الداخلية الأسبق كانت بالنسبة للكثيرين الأكثر سوداوية، والقضايا التي لم تجد أجوبة عليها تتجاوز قضايا تهريب أبو عياض واغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي لتصل لتعهدات قدّمها على حوادث إجرامية جرت ولم يسمع احد ليومنا هذا بنتائج لجان التحقيق التي شُكلت لمعرفة من يقف وراءها أو من كان السبب فيها.

الحوار التلفزيوني في برنامج لا يناسب رئيس وزراء ووزير داخلية أسبق وأمين عام حركة النهضة للحديث فيه لتبرئة نفسه، يعكس أن الرجل يستشعر حالة مرتفعة من القلق بعد جريمة باردو وبحر الدماء الذي بدأ يتعاظم مع تمدد جرائم الجماعات الإرهابية قد يغرق السيد علي العريض وحركته التي يعرف تماما مسؤوليتها عن كل الأحداث التي شهدتها تونس منذ تولي النهضة للحكم بداية سنة 2012.

الحوار الذي قدم فيه نفسه كحمل وديع، سقط  السيد علي العريض في محاولته الدفاع عن نفسه بأنه كان يخشى أن يكون من بين من هم مع أبو عياض داخل المسجد مسلحين، وفي هذا اعتراف ضمني بعلمه بكون التنظيم يملك أسلحة وهنا يقفز تساؤل واضح حول تصنيف الداخلية للتنظيم وقتها وعدم اعتباره إرهابياً رغم حرقه للسفارة الأمريكية وتوقع امتلاكه لأسلحة كان يخشى وقتها من أن يؤدي التدخل الأمني لاعتقال أبو عياض في جامع الفتح من حدوث مجزرة.

الوزير الأسبق قال إنّه تم رصد اتصالات من الجامع تطلب المدد من جماعات السلفيين التوجه لجامع الفتح وعدم قدرة أجهزة الأمن السيطرة على الوضع وفي هذه الجملة لم يجانب السيد علي العريض الحقيقة فمن لم يستطع التصدي لمن خرجوا من نفس الجامع وساروا أكثر من عشرة كيلو متر على الأقدام ليحرقوا السفارة الأمريكية سيكون من المستحيل عليه التصدي لمن سيصلون الجامع من المناطق القريبة أو كما وصفهم بأنه انتظرهم من قدام.

لكنه تناسى وقبل أن يعطي تعليمات بفك الطوق الأمني وترك أبو عياض يغادر الجامع أو كما تحدث أنصاره أن الملائكة أخرجته من بين حواجز الطاغوت، أن داخل الجامع كان العشرات من رجال الأمن وفرق مكافحة الشغب وفض المظاهرات كانوا ينتظرون انتهاء الصلاة وخروج المصلين ليلقوا القبض على الإرهابي ويفككوا طوق الحماية الذي كان أنصاره يحيطون فيه زعيمهم، ولم يكن هذا بالعسير أو غير الممكن على مستوى التدخل الأمني.

المستغرب في حوار السيد علي العريض قوله إنه لو قدر له العودة لنفس الحدث فسيتخذ نفس الموقف ولن يعتقل أبو عياض، وهنا يمكن أن نسأل في أسوء الأحوال التي توقعتها بإمكانية حدوث مجزرة في داخل الجامع هل كان من الأفضل أن يقتل عشرات من أبناء تونس غدراً برصاص الإرهابيين من سياسيين وأمنيين وعسكريين ثم ضيوف تونس من سياح أبرياء كلهم قتلوا برصاص الإرهابيين أم يقتحم المسجد ويعتقل المجرم القاتل الذي خرج من الجامع ووصل إلى الحدود الليبية ومر عبرها دون أن يتفطن له أحد.

السيد علي العريض ما قلته ضربة في الصميم لما حاولت أن تبعد نفسك عنه بكل السبل، والمشكلة الأبدية في تفكير كل قيادات الحركات الإسلامية أنهم يتصرفون بوحي ديني يعتبرون أنفسهم فوق الخطأ والنقد وربما المساءلة فهل الإصرار على الخطأ هو نوع من المكابرة والإصرار على الخطأ وتقديمه في صيغة الإصرار على أن ما قمتم به هو عين الصواب.

هل تشعر براحة ضمير كبيرة عندما تذكر في كل جنازة شهيد قتل برصاص الإرهابيين أنك كنت السبب في فرار أبو عياض رأس الإرهاب، وعدم اتخاذ القرار الصحيح في اللحظة المناسبة والذي كلف تونس وسيكلفها الكثير من الشهداء والخسائر، أم أن القرار كان في تلك اللحظة يتجاوزك في ظل أن عملية حرق السفارة الأمريكية كانت ضمن رسالة التجنح الذي اختارت حركة النهضة الدخول فيه ضمن حسابات صراعات أجنحة الإدارة الأمريكية والحزبين الجمهوري والديمقراطي في تلك المرحلة.